فل يا هانم ...قصة قصيرة بقلم فاتن

لم اكن قد رأيتها بعد ولكنى كنت أسمع صوت صراخها حين تضربها سيدتها لأنها كسرت شيئا او تأخرت فى انجاز عمل أمرتها بالقيام به ..واحيانا كنت اسمع صوت بكائها ليلا من نافذة المطبخ المطلة عليها ..أو اسمع صوت انينها يمزق قلبى فأطرق رأسى خجلا لشعورى بالخزى و لعجزى عن مساعدتها ..واخيرا قابلتها على سلم البيت وهالنى ما رأيت ..طفلة صغيرة لا تتعدى العشر سنوات وجه شاحب علقت به بقايا براءة ..عيون انطفأ فيها البصيص .. ملامح ذابلة يكسوها الحزن.. وكأنها تقاسى عذاب الدهر .. جسد ناحل ..ملابس رثة ..شعرت بالشفقة تجاهها اخرجت من جيبى كل ما به من نقود ومددت يدى اليها ولكنها رفضت بإباء وعزة .. تعجبت من اين اتت بهما ؟؟
وتعددت لقاءاتنا ..فى السوق ..أو على سلالم البيت ..وحكت لى عن نفسها .. جاء بها ابيها من الارياف لتعمل لدى السيدة هدى ..وقد بشرها والدها انها حين تتم الرابعة عشر سيزوجها مثل اختها التى تزوجت منذ شهور -وهى لم تكمل الرابعة عشر- من رجل عربى ثرى قد تعدى الستون عاما وسافرت معه .
وكنت المحها احيانا من نافذة المنزل المطلة على الشارع وقد ذهبت لاحضار بعض الحاجيات فأراها تقف من بعيد تراقب الفتيات الصغيرات وهن يلهون بعرائسهن وكم كانت سعادتها عندما اهديتها عروسة حتى انها حاولت ان تقبل يدى عرفانا بالجميل !
ولمحتها مرات وهى تختلس النظر الى الفتيات يذهبن الى المدرسة يحملن حقائبهن يمسكن بيدى امهاتهن وعيونهم ملؤها الفرحة ..فكنت المح الحزن فى ملامحها ودمعة الحرمان تفر من عينيها ..واحيانا اخرى تقف امام محال المثلجات وقد سال لعابها تبحث عن نقود فى جيبها فتخرج يدها تمتلئ بخيبة الامل ..وأتذكر حديثها لى بأن ابيها يأتى اول كل شهر ويأخذ راتبها بالكامل واذا توسلت اليه ان يترك لها شيئا يرد بجفاء انت تأكلين هنا وتنامين فما حاجتك الى المال ؟؟
وبعد حوالى العام انقطعت اخبارها تماما ..لم اعد اراها أو اسمع صوتها وشعرت بالقلق وكانت علاقتى بسيدتها سيئة فلم استطع ان اسالها عن الفتاة
وبالصدفة قابلت جارة اخرى لى فسألتها عن الفتاة فقالت ان سيدتها ذات مرة تمادت فى ضربها ولم تحتمل الفتاة كل هذا الهوان فهربت من المنزل ولا احد يعرف اين ذهبت وجاء ابوها ليسأل عنها وعندما لم يجدها اخذ يصرخ ويولول وهو يقول بنت هربت والثانية عادت لى فى نعش ..ماذا جنيت حتى اصاب بكل هذا الخراب ؟؟
وذات يوم كنت اقف فى اشارة مرور وقد مالت الشمس للمغيب سمعت صوتا مألوفا يقول لى ...فل يا هانم ..التفت فاذا بها هى.. كانت كبرت قليلا وزال الشحوب عن وجهها وكانت ابتسامتها تملأ عينيها وقالت لى اذ رأت الدهشة فى عينى.. لقد أصبحت حرة .. لم اعد اتجرع كأس الذل والمهانة بلا مقابل ..وتركتنى وسط ذهولى واسفى لحالها وانطلقت كفراشة تلهو بين الزهور نحو سيارة اخرى تبيعها الفل قبل ان تفتح الاشارة ..قلت فى نفسى .. تظن أنها اطلقت خيولها من الاسر ..يا لها من مسكينة لقد فرت من وحش الى غابة مليئة بالوحوش ؟؟

thanxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx

بارك الله فيك
رائعة

شكرا على هذه القصة الرااااااااااااااااااااااااااائعة جداجدا