صاح الديك ابتهاجا برؤية ملاك .. وجاء الصباح يرش الندى .. واستيقظ من نومه وجعل يتأملها فى وله .. وهمس .. ما احلاها .. ولمس فى رفق وجنتها الموردة وازاح شعرها عن جبينها الوضاء وطبع على جبينها قبلة حانية .. ارتسمت على شفتيها ابتسامة ساحرة .. وتململت فى فراشها ..وسرعان ما راحت فى النوم من جديد
ذهب الى عمله وجعل يتعجل الوقت ان يمر ..تأكله اللهفة .. توسل الى الدقائق ان تمضى مسرعة حتى يحين موعد عودته لعشه الجميل .. عاد الى البيت ملهوفا وجدها تنتظره فى شوق وقد ازينت فازداد جمالها وبهاءها .. كانت عيناها تلمع من السعادة وكأنها تكتحل من ضوء الشمس ..احاطته بذراعيها نظرت الى عينيه وراحت تبثه شوقها ولوعتها ..ولمح برقبتها عقدا بديع المنظر ..فجفل ورجع الى الوراء فى دهشة .. فقالت فى براءة
ذهبت اليوم لأتسوق ورأيته فلم استطع مقاومته ..خاصة وقد وجدت ثمنه زهيدا جدا
فقال لها : ولكنه يبدو حقيقيا
قالت : وهذا سر جماله
احس وقتها بالعجز وقلة الحيلة .. فهو لا يملك من حطام الدنيا شيئا ..ود لو كان ثريا اذا لأمطرها بالياقوت والماس واحست هى بما يدور فى خلده فقالت فى حنان :
أنت أغلى عندى من كل جواهر الكون..وطبعت على خده قبلة حانية وانصرفت تعد الطعام
صدق كلامها ..فأجمل ما فيها صدقها ..وانها لا تعرف الكذب ابدا
مرت اعوام وهو يرفل فى النعيم تغدق عليه بالحب والحنان ..كانت شمعة معطرة تنير له ليل وحدته وكان هو يتعبد فى محراب حبها ومضت بهما سفينة الايام هادئة الى ان هبت العاصفة ..
ذهب الى عمله ذات يوم وما ان وصل حتى تلقى اتصالا هاتفيا يخبره ان زوجته توفيت فى حادث
سقط مغشيا عليه .. وعندما أفاق كان مذهولا .. لا يصدق ان نور عينيه قد انطفأ ..احس ان جذوة روحه تخبو .. وفى جنازتها كان المشهد مؤلما .. كان تائها .. استند الى صديقه كيلا يهوى على الارض وكان يجر قدميه جرا
مرت اسابيع .. وبدأ يتمالك نفسه ويفيق من صدمته ..كان حين يقتله الشوق اليها يحتضن صورتها ويتلمس اشياءها..ووقع بصره على الصندوق الذى كانت تحتفظ فيه بحليها الزائفة ..وارتسمت على شفتيه ابتسامة باهتة ..وتذكر مزاحهما حول هذا الصندوق ..فتحه واخرج ما فيه وقال فى حسرة .. بقيتم انتم وذهبت هى !!!
ثم جذب انتباهه جيبا مطويا فى بطانة الصندوق المخملية فتحها فاذا به يجد عدة اوراق تفحصها فوجدها فواتير مر بعينيه سريعا على المدون بها فعرف انها فواتير شراء بعض الحلى من الالماس ووجد اسم زوجته فى خانة المشترى !!
بهت الرجل ظن ان حزنه جعله يهذى .. او انه اصابه مس من الجنون.. فجعل يتخيل اشياء لا وجود لها
ولكن لا ..انه لا يتخيل ..فها هى الفواتير بين يديه !!
امسك بالفواتير وتفحصها ثانية ووجد اسم محل المجوهرات وعنوانه فذهب اليه
ابتسم الرجل الواقف فى خبث وقال:
نعم اذكرها.. كم كانت رائعة .. كانت تأتى كل مرة بصحبة رجل مختلف تنتقى اغلى ما بالمحل من الماس وتنصرف متأبطة ذراع الرجل وتغرقه فى بحور عينها شاكرة له كرمه
خرج الزوج من المحل لا يرى امامه اخذ ينظر الى المارة فى بلاهة ..ثم اصابته نوبه من الضحك واخرج الحلى من الصندوق وجعل يلقيه فى وجه المارة وهو يصرخ
انها حقيقية وليست زائفة !!! ...........حقيقية!!!